فصل: الشاهد الثالث والأربعون بعد المائتين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.استيلاء أبي كاليجار على البطيحة.

ولما كانت سنة تسع وثلاثين وأربعمائة بعث أبو كاليجار أبا الغنائم أبا السعادات الوزير في عسكر لحصار البطيحة فحاصرها وبها أبو منصور بن الهيثم حتى جنح إلى الصلح واستأمن نفر من أصحابه إلى أبي الغنائم وأخبروه بضعفه وعزمه على الهرب فحفظ عليه الطرق ولما كان شهر صفر من السنة واقعهم أبو الغنائم فظفر بهم وقتل من أهل البطيحة خلقا كثيرا وغرقت منهم سفن متعددة وتفرقوا في الآجام وركب ابن الهيثم السفن ناجيا بنفسه وأحرقت داره ونهب ما فيها.

.ولاية مهذب الدولة بن أبي الخير على البطيحة.

ثم كان بعد ذلك لبني أبي الخير ولاية على البطيحة فيما قبل المائة الخامسة وما بعدها ولا أدري ممن هؤلاء بنو أبي الخير إلا أن ابن الأثير قال: كان إسمعيل ولقبه المصطنع ومحمد ولقبه المختص هما إبنا أبي الخير ولهما رياسة قومهما وهلك المختص وقام مكانه ابنه مهذب الدولة ونازع ابن الهيثم صاحب البطيحة إلى أن غلبه مهذب الدولة أيام كوهوايين الشحنة ببغداد وكان بنو عمه وعشيرته تحت حكمه وأقطع السلطان محمد سنة خمس وتسعين وخمسمائة مدينة واسط لصدقة بن مزيد صاحب البطيحة والحلة فضمنها منه مهذب الدولة أحمد بن أبي الخير صاحب البطيحة وفرق أولاده في الأعمال وطالبه صدقة بالأموال وحبسه وضمن حماد ابن عمه واسط وكان مهذب الدولة يصانع حماد ابن عمه إسمعيل ويداريه وحماد يطمح إلى رياسته فلما هلك كوهوايين نازع حماد مهذب الدولة ابن عمه واجتهد مهذب الدولة في إصلاحه فلم يقدر فجمع النفيس بن مهذب الدولة فهرب حماد إلى صدقة مستجيشا به فعاد بالجيش وحاربه مهذب الدولة وزاده صدقة المدد فانهزم مهذب الدولة وهلك أكثر عسكره وقوي طمع حماد واستمد صدقة فأمده بالعساكر مع مقدم جيشه حميد بن سعيد وبعث مهذب الدولة لصاحب الجيش بالإقامات والصلات فمال إليه وأصلح ما بينه وبين صدقة وبعث مهذب الدولة ابنه النفيس إلى صدقة فأصلح بينهم وبين حماد ابن عمهم وكان ذلك أعوام الثلاثين.

.ولاية نصر بن النفيس والمظفر بن حماد من بعده على البطيحة.

ثم كان انتقاض دبيس بن صدقة أيام المسترشد والسلطان محمود وكان البرسقي شحنة ببغداد فانتزع السلطان البطيحة من يد دبيس وأقطعها إلى سحان الخادم مولاه فولى عليها نصر بن النفيس بن مهذب الدولة أحمد بن محمد بن أبي الخير وأمر السلطان محمود البرسقي بالمسير لقتال دبيس فاحتشد وسار لذلك ومعه نصر بن النفيس صاحب البطيحة وابن عمه المظفر بن حماد بن إسمعيل بن أبي الخير وبينهما من العداوة المتوارثة ما كان بين سلفهما والتقى البرسقي ودبيس وهزمه دبيس وجاءت العساكر منهزمة وبقي نصر بن النفيس وابن عمه حماد عند ساباط النهر فقتله ولحق بالبطيحة فملكها وبعث إلى دبيس بطاعته وبعث دبيس إلى الخليفة يصانعه بالطاعة على البعد وبلغ الخبر إلى السلطان محمود فقبض على منصور بن صدقة أخي دبيس وولده فكحلهما فاستشاط دبيس وساء أثره في البلاد وبعث إلى أحيائه بواسط فمنعهم الأتراك الذين بها فبعث مهلهل بن أبي العسكر مقدم عساكره في جيش وكتب إلى المظفر بن حماد صاحب البطيحة بمعاضدته على قتال واسط فتجهز وأصعد وعاجل مهلهل الحرب قبل وصوله فهزمه أهل واسط وغنموا ما معه وكان في جملتها بخط دبيس وصار معهم وساءت آثار دبيس في البلاد ولم يزل حال البطيحة على ذلك ثم صار أمرها لبني معروف وأجلاهم الخلفاء عنها.

.إجلاء بني معروف من البطيحة.

كان بنو معروف هؤلاء أمراء بالبطيحة في آخر المائة السادسة ولا أدري ممن هم فلما استجمع للخلفاء أمرهم وخرجوا عن استبداد ملوك السلجوقية واقتطعوا الأعمال من أيديهم شيئا فشيئا فصار لهم الحلة والكوفة وواسط والبصرة وتكريت وهيت والأنبار والحديثة وجاءت دولة الناصر وبنو معروف على البطيحة وكبيرهم معلى قال ابن الأثير وهم قوم من ربيعة كانت بيوتهم غربي الفرات تحت سوراء وما يتصل بها من البطائح وكثرت أذاياتهم وإفسادهم في النواحي وبلغت الشكوى بهم إلى الديوان فأمر الخليفة الناصر مغذا الشريف متولي بلاد واسط أن يسير إلى قتالهم فاستعد لذلك وجمع من سائر تلك الأعمال فسار إليهم سنة ست عشرة وستمائة العير من بلاد البطيحة وفشا القتل بينهم ثم انهزم بنو معروف وتفرقوا بين القتل والأسر والغرق واستبيحت أموالهم وانتظمت البطيحة في أعمال الناصر ولم يبق بها ملك ولا دولة.